رحلة إمراة هولندية من الشك إلى الإيمان.. كيف غير الإسلام حياتها؟

موقع أخبار بلجيكا vtmnews _ لم يكن لدى الهولندية “آنا” البالغة من العمر 58 عامًا، أي خلفية دينية عندما نشأت في مدينة روتردام. لكنها وجدت نفسها بعد الثلاثينيات من عمرها في رحلة غير متوقعة قادتها إلى اعتناق الإسلام. رغم المقاومة وسوء الفهم من محيطها. إلا أنها لم تشعر يومًا بالندم، حتى استغرقت عشر سنوات قبل أن تجرؤ على ارتداء الحجاب.
البحث عن الحقيقة دون قصد
لم تكن “آنا” تبحث عن إجابات لأسئلة الحياة الكبرى عندما التقت بوالد أطفالها وهي في التاسعة والعشرين. ومع ذلك، لاحظت أن هناك إنجذابًا داخليًا تجاه الأشخاص المتدينين، وكأن القدر كان يضعهم في طريقها.
خلال لقائها الأول مع شريك حياتها، قادها في نقاشات فلسفية ووجودية حول الحياة، والإيمان، والغاية من الوجود. كان يسألها أسئلة لم تفكر فيها من قبل، مثل: “لمن تعتقدين أن هذا البحر ينتمي؟”
كانت حياتها مستقرة، تمتلك شهادة جامعية، وظيفة حكومية، ومنزلًا، لكنها وجدت نفسها مهتمة بطريقة حياة هذا الرجل، الذي رغم ظروفه الصعبة كلاجئ لم يكن لديه سوى غرفة صغيرة، ولا تصريح إقامة، ولا عائلة، إلا أنه كان سعيدًا وراضيًا. انجذبت إليه ليس لأنه مسلم، ولكن بسبب سكونه الداخلي وسلامه مع الحياة.
الاقتراب من الإسلام تدريجيًا
بعد الزواج والحمل، بدأت “آنا” في طرح الأسئلة حول الإسلام. لكنه لم يضغط عليها، بل اكتفى بتزويدها بالكتب والإجابة عن تساؤلاتها بصبر. رغم تحفظاتها بشأن مكانة المرأة في الإسلام، استمرت في التعلم دون إجبار. لم تكن مهتمة بالصلاة أو العبادات، لكن نقطة التحول الكبرى حدثت أثناء ولادتها. حيث شعرت بقوة خارجة عن إرادتها تسيطر على اللحظة، وأدركت أن هذه القوة هي الله.
بعد اعتناقها الإسلام، بدأت في الصلاة والصيام. ولم يكن التخلي عن الكحول ولحم الخنزير صعبًا لأنها كانت متزوجة من مسلم. لكن ارتداء الحجاب كان أكبر تحدٍّ لها، حيث ترددت عشر سنوات قبل أن تقدم على هذه الخطوة. حيث شعرت أن الحجاب يُعلن عن هويتها الإسلامية بصوت عالٍ أمام الجميع، مما جعلها تتردد كثيرًا قبل ارتدائه في الأماكن العامة في هولندا.
قرار الحجاب والمجتمع الهولندي
في البداية، كانت ترتدي الحجاب فقط في محيطها الشخصي. لكن الأمور تغيرت عندما شاهدت برنامجًا وثائقيًا عن ثمانية مسلمين يعيشون في هولندا، حيث شعرت بالإلهام قائلة: “إذا كانوا قادرين على فعل ذلك، فلماذا لا أستطيع؟
تعرضت لمواقف محرجة، مثل حوار مع مستشارة ألمانية لحزب العمل، التي انتقدتها قائلة إن الحجاب رمز للظلم. لكن رد فعلها الحازم كان نقطة تحول. حيث أدركت أنها لا تحتاج لموافقة أحد على اختياراتها الشخصية.
عند إبلاغ مديرة عملها برغبتها في ارتداء الحجاب داخل مكان العمل، تفاجأت الأخيرة بشدة وكأنها تلقت صدمة. لكن “آنا” كانت قد وصلت إلى مرحلة لا تسمح لأحد بأن يملي عليها كيف تعيش حياتها.
صراع العائلة وتقبل الاختلاف
تلقت والدتها خبر اعتناقها الإسلام بقلق، خاصة بعدما لاحظت علاقتها بزوجها المسلم. حيث نشأت “آنا” في بيئة متحررة للغاية، ووالدتها كانت تخشى أن ينتهي بها المطاف معزولة في المنزل بسبب الحجاب. رغم أن علاقتها بعائلتها لا تزال جيدة، إلا أن هناك توترًا مستمرًا بسبب اختلاف القيم. والدتها تقبل إسلامها بتردد، لكنها لا تزال ترفض الحجاب بشدة، في حين أن “آنا” تشعر بأن الحجاب يمنحها قوة داخلية وحماية، على عكس الصورة النمطية عنه.

التحديات في المجتمع الهولندي
كونها مسلمة في هولندا ليس بالأمر السهل، حيث تواجه الكثير من الانتقادات والمواقف الصعبة. البيئة العامة لا تتقبل بسهولة تحول شخص إلى الإسلام، خاصة إذا كان من خلفية غير دينية. رغم ذلك، تؤكد “آنا” أن الإسلام كان أهم قرار في حياتها، ولن تتخلى عنه لأي سبب.
الإسلام كبوصلة في الحياة
بالنسبة لها، الإيمان أصبح بوصلة توجه حياتها، تساعدها على اتخاذ القرارات بطريقة أكثر هدوءًا وثقة. حتى عندما تبحث عن وظيفة، لا تطلب من الله أن تحصل عليها، بل تدعوه أن يختار لها ما هو الأفضل لها.
بعد انفصالها عن زوجها قبل عشر سنوات، تعمق فهمها للدين بشكل أكبر، وبدأت في البحث عن مسلمين آخرين لم ينشؤوا في بيئة إسلامية مثلها. خلال هذه المرحلة، أصبح الإيمان أكثر من مجرد طقوس، بل أصبح إجابة واضحة على أسئلة الحياة. الآن، عندما تسمع السؤال الذي طرحه عليها زوجها سابقًا، “من يملك البحر؟”، أصبحت لديها الإجابة.